تحية إلى د. جابر نصار فى قراره الشجاع بمنع نقاب الممرضات فى مستشفيات جامعة القاهرة. وللأسف يقف الرجل وحيداً فى ساحة المعركة عارى الصدر يتلقى السهام المسمومة بدون مساندة الدولة المرتعشة التى تخاف أن تصدر قراراً بمنع النقاب فى كافة مؤسساتها، فلا يُعقل فى مجتمع حديث أو معاصر يسمح بعمل المرأة وخروجها ووصولها لأعلى المناصب أن يُسمح باختفائها وإخفاء هويتها، فما بالك بوطن يكتوى بنار الإرهاب، كيف له أن يسمح باللثام فى مؤسساته وهيئاته وجامعاته؟ وجميعنا نقرأ عن إرهابيين استخدموا النقاب فى التفخيخ وفى التخفى والهروب من مراقبة ومطاردة الشرطة. المنتقبة حرة، لكنها حرة فى بيتها تلبس النقاب كما تشاء، لكننا فى مجتمع، وللأسف، يتعرض لأبشع أنواع الإرهاب فى تاريخه، لا ينفع فى مواجهته أن نخفى هوية بعض الأشخاص فى التعامل المجتمعى لأن مزاجهم كده أو اعتقادهم الدينى كده. والمدهش أنه حتى على المستوى الدينى النقاب ليست له هذه القداسة ولا الحجية. وبرغم أننى فى هذه القضايا لا أفضل المناقشات الدينية - الدينية التى تستدعى نصاً دينياً من هنا فيستدعى الآخر نصاً دينياً من هناك، لأننى أعتبرها فى الأساس قضايا مدنية تمس أمن وأمان المجتمع ولا بد أن تناقش فى هذا الإطار، فإننى سأرد ومن خلال شيخ أزهرى لأثبت أن النقاب ليس بهذه الفرضية الدينية التى تتخيلونها ويريد السلفيون تصديرها إلينا، ولذلك فمن حق المجتمع أن ينظم ارتداء هذا الزى تقديراً لظروفه الاجتماعية والأمنية بدون فزع من التكفير الذى يرفعه السلفيون فزاعة فى وجوهنا، هذه بعض الأدلة المفحمة من الشيخ محمد الغزالى قدمها فى كتابه السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث للدلالة على وجوب كشف الوجه منها: 1- إذا كانت الوجوه مغطاة فعمّ يغض المؤمنون أبصارهم؟ أيغضّونها عن القفا والظهر، فالغض يكون عن الوجوه بداهة. 2- والحديث القائل «إذا رأى أحدكم امرأة فأعجبته فليأت أهله...»، إلى آخر الحديث، فهنا فيه رؤية، وحكى القاضى عياض عن علماء عصره -كما روى الشوكانى- أن المرأة لا يلزمها ستر وجهها وهى تسير فى الطريق. 3- وأيضاً الأمر بكشف الوجه عند الحج أو فى الصلاة، والتى يعتمد عليها مؤيدو النقاب فى أنه يجب ستر الوجه فيما عدا ذلك، ويرد الغزالى بسؤال مفحم وهو: هل إذا أمر الله الحجاج بتعرية رؤوسهم فى الإحرام كان ذلك يفيد أن الرؤوس تغطى وجوباً فى غير الإحرام؟!! بالطبع لا. 4- فى إحدى خطب الأعياد التى أمر فيها النبى النساء بالتصدق تم ذكر أن امرأة سفعاء الخدين سألته -الخد الأسفع هو الجامع بين الحمرة والسمرة- فمن أين عُرف أنها سفعاء الخدين إذا كانت منقبة؟! 5- وعن سهل بن سعد رضى الله عنه أن امرأة جاءت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله جئت لأهب لك نفسى، فنظر إليها رسول الله فصعّد النظر إليها وصوّبه.. إلى آخر الحديث»، والسؤال فيم صعّد النبى النظر وصوّبه إن كانت المرأة منقبة. 6- جاءت امرأة إلى النبى -صلى الله عليه وسلم- يقال لها أم خلاد وهى منتقبة تسأل عن ابنها الذى قُتل فى إحدى الغزوات، فقال لها بعض أصحاب النبى: جئت تسألين عن ابنك وأنت منتقبة؟ ويدل استغرابهم على أنها كانت عادة وليست عبادة.